Feeds:
المقالات
التعليقات

يا مُتقن الغياب

يا مُتقِن الغياب

إلى متى هذا العذاب؟

إلى متى هذا التوجس و التملص بارتياب

إلى متى؟

سأظل أصرخ في المدى

و يردُّ صرختي الصدى

فألوذُ صمتي حسرةً

و ألوكُ أطراف الثياب

هذي القوافل ماضية

كلٌ أتى…

كلٌ رحل…

و أنا الأسيرة ها هُنا

في داخلي طيفُ الأمل

في داخلي حلمٌ كسير

و يرى الطيور مهاجرة

فيحنّ للأعلى يطير!

_

لم يُخبِروه

بأن موعد الإقلاع حتماً لم يحل؟

لم يُخبِروهُ

بأنّ ذلك الربان أيضاً لم يصل؟

_

يا صاحبي…

إنّي أسيرةُ فكري المفتون فيكَ

و لم أزل،

يا صاحِبي…

خذني إليكَ فإنني

مشتاقةٌ تلكَ القبل.

يا صاحِبي أولم تقل

يوماً بأنكَ فارسي؟

و معذبي فمخلصي

من سطوِ دمعاتِ المقل؟

يا صاحِبي

و لَإنني قسماً تجرّعتُ الغياب

كيف السبيلُ إلى الوصولِ لدحرِ أشباه السراب؟

كيف السبيلُ إلى الأمانِ بقربِ روحكَ دلّني

كيف السبيلُ إلى معانقة السحاب؟!

أبريل 2007


قصيدةٌ قديمة كتبتها أحبها و لم أرد لها التفلت من بين يديّ.

رواية: الطقاقة بخيتة

في المكتبة القريبة من مكان سكني وجدتُها صدفة و أنا أمسح عناوين الكتب، نفس المكتبة التي اكتشفتُ فيها المحيميد للمرة الأولى قبل سبع سنواتٍ ربما.

– قلتُ لمن معي: أنظري للعنوان.
– فأخذت تضحك: ناوية تشترينها؟
– أكيد. العنوان لوحده يشي بالتراث، إما أن يكون الكاتب ذكيً جداً أو شعبيً جداً أو كِلا الاثنان ليختار عنواناً كهذا، زيادة على أنّ لغة الصفحات الأولى جيدة و قابلة للقراءة. ما رأيكِ بأن أعقد معكِ هذا الاتفاق؟
– هاتي…
– سأقرأها و إن لم تعجبني سأكتب رسالة ساخطة للكاتب مطالبة إياه بردّ المبلغ. ما رأيك؟
– قدام، و لكن لو أعجبتكِ بعدما تنتهين أعيرينيها.
أنهيت الرواية خلال أيام و أبشركم، لن أطالب الكاتب بردّ الستين ريالاً التي أنفقت، بل سأبحث عن أخرياتٍ له لأقرأهنّ.

محمد المزيني في روايته “الطقاقة بخيتة” يوثّق الحقبة الزمنية المعاصرة لمدينة الرياض. لا أدري لمَ هذه المدينة بالذات لي معها علاقة حب و مقت في آنٍ معاً! أشتاقُ إن أبطيت و تكلّ نفسي لو مكثت أكثر مما يجب. ربما لسكني الآن فيها للدراسة و معاناتي مع السيارات و السائقين وجدتُ السلوى في حكاية الكاتب، سائق “الوانيت” الذي يبدأ روايته بمصارحة القارئ بأنه يعتزم كتابة رواية و يريد أخذه معه إليها ليقابل الشخوص و يقرر بعدها كيف ستكون الرواية.
وصف صنوف النسوة اللاتي ركبنَ معه و مكرهنّ مما ذكرني بأحد سائقي الأجرة الذي سمعته يصارح رفيقه: أنا أكره النساء، أنظر كيف يكشفنَ سيقانهنّ من وراءِ العباءة مظهرات هذا الجنيز الضيّق، يقطعن قلوبنا و يتصنّعنَ العفة، ثم ينفعل: إن كنتِ عفيفة لا تنشري عطركِ في المكان و تتوقعين مني الوقوف كالصنم! … لم أكمل ما الذي كان يقوله لأني ابتعدت عن مستوى السمع ممنية نفسي بأن تأتي سيارتي قريباً.

في الرياض لي مأساة شبه يومية مع وسائل المواصلات، خاصة و أنني لم أحظَ بسائقي الخاص بعد، فأعيش مغامراتٍ مستمرة في كل مرة أطلع من المنزل؛ أتحصن بالمعوذات، أتمتم بدعاء الخروج و ألبس قناع التجلّد قبل أن أخرج، في الرياض أكون الأنثى و الذكر لأن في مجتمعنا الذكوريّ يجب أن تكوني ذكراً كي تعيشي… لا يفترض بالحديث أن يكون عني هنا بقدر ما هو عن رواية المزيني، لذا سأؤجل حكاياتي مع السائقين لوقت ما أكون أكثر فراغاً و جرأة لسرد الحكاية. و سأكتفي باقتباس له يقول:

الرياض لم تعد مدينة مثلى للإقامة، و مع ذلك ينحدر إليها الغاوون من كل حدب و صوب.

الروايات تاريخ المجتمع توثيق لحكايا الشعوب، للحقب الزمنية التي يعيشونها و الأحداث التي تعاصرهم. هذا برأيي هو المغزى الرئيس من كتابة رواية، إن استطعت الوصول إلى هذا الهدف تستحق روايتك الحفظ لتقرأها الأجيال اللاحقة كي تعرف عن ماضيها، تستحق أن تترجم ليعرف الآخرون عن ثقافتك و المكان الذي جئت منه، تستحق النقد لكي تخرج لنا في المرة القادمة برواية أجمل تضاف إلى رصيدك. كي تكون كاتباً عليك أن تخرج من نفسك لتعيش الحكاية التي ترويها، و تنقل عناء الشخوص للقارئ الذي سيجد نفسه قد صار جزءاً من القصة.
الكاتب هنا يملك مقومات جيدة للكتابة، فهو ينقلني بسلاسة من مصارحته الأولى إلى شخوص روايته الأول “الكاتبة تهاني و زوجها و المجتمع النخبوي الذي يعيشون فيه” إلى “البدوي بداح” الذي شعرت و أنا أقرأ قصته و كأني انتقلتُ من رواية لقاصّ سعودي إلى إحدى روايات إبراهيم الكوني، بتغزله بالصحراء و وصفه لها و انفتاحه على جوهر الكون، كان من أكثر الأجزاء الممتعة في الرواية… بعدها يعود إلى أزقة الرياض ليحكي حكاية بخيتة، بائعة البسطة و الطقاقة في آن معاً، ثمّ ينتقل إلى قصة الرابع صلاح مدني هذا الذي يبحث عن هويته.
ما أعجبني في الرواية أنها تحكي حكاية أطياف مختلفة من المجتمع… طبقة النخبة المثقفين، ثم البدوي الباحث عن حبيبته، مجتمع طقّاقات منفوحة، و صلاح مدني الساعي وراء الجنسية. يختلفون في خلفيّاتهم الثقافية ليجتمعون في الطيف الأوسع، مجتمع الرياض نفسه. يتكلم الكاتب عن مجتمع مدينة الرياض بحديث العارف عن مدينته، الذي يريد نقل الصورة الأكبر لمرحلة عايشها إلى آخرين، قد يكونوا أبناءه أو أفراداً لا يعرفون تلك التفاصيل الصغيرة التي رافقت تحوّل الرياض من شكلها القديم إلى شكلها الآن و كيف ستتشكل في المستقبل.

لكل جهة ناسها و أهلها، فالسويدي و الشفا قطنها أهل الجهات الجنوبية و الغربية من النازحين من المدن و الهجر و القرى الواقعة جنوب الرياض و غربها، و كذلك شمال الرياض و شرقها فقد استأثر بها تقريباً أهل القصيم، أما النسيم فقد سكنها أبناء البادية لقربها من الصحراء المفتوحة على مراعيهم، لذلك نصبوا خيامهم في الأحواش، و كانوا مثار سخرية، حتى لحق بهم الجميع في أوقات تالية، و ما لم يقلدهم في البادية هو تصميم البيوت على نمط غربي إذ كانت البلدية ترغم الناس شططاً على وضع بلكونة تطل على الشارع و أن تكون الحمامات إفرنجية، فكان الناس يحتالون على ذلك بوضع العربي ملاصقاً للإفرنجي، فمتى تمّ استلام الدفعة الأخيرة من قرض البنك المقدر بثلاثمائة ألف ريال (و لا تزال) ناجزوها بالتغيير و التحريف وفق ما تعودوا عليه. …

هذا الكاتب استطاع أن يحصل على رضاي كقارئة و أنا سعيدة بذلك، استطاع أن ينقل لي جزء من قصة الرياض و أنا أقرأ تخيلت أمي تحكي، و زوجة خالي و هي تحكي، و جدي يحكي و والدي و عمتي أيضاً تحكي… كل الحكايا التي سمعتها تجتمع في قلم محمد المزيني كي ترسم لي لوحة تصف جزء من مرحلة من مراحل العاصمة.

و نحن نمر بمحاذاة كلية اليمامة قال لي:
– شفت هذه الكلية؟ شهدت يوماً ما أحد معاركهم.
– قلت باستغراب: من هم؟
– الصحويون.
– قصدك الإرهابيين؟
رد بشيء من التحفز الذهني و عينه مملوءة بالكلام المؤجل:
– لا شوف، لا يمكن أن تعرف الإرهابيين إلا بعدما تعرف الصحويين.
ذكّرني بحسني البرزان في مسرحية (غربة) عندما كان يردد عبارته المشهورة بتلقائيته (إذا أردنا أن نعرف ماذا في إيطاليا… يجب أن نعرف ماذا في البرازيل) فكانت بادرة ممتازة لفتح ملفاته المخبأة.


New Chapter

أريد أن أصرخ و أجري على أحبائي لأسرق عناقاتٍ طويلة هذه المرة
عناق الفرح و الأمنيات.

اليوم بحمد لله ظهر اسمي مع المقبولات في برنامج الماجستير بعد عناء طويل في إجراءات القبول حتى كاد اليأس أن ينتصر؛ الحمد لله كثيراً على توفيقه و على أسرتي الجميلة التي لن أجد مثل دعمها ما حييت، الحمد لله على كل شيء عسى أن يتممَ لي ما أعطاني و ينعمّ علي و على أحبائي أكثر بمنه و فضله.

أعرف أنها البداية و أن عناء القبول و انتظاره لا يعدّ شيئاً مع التحديات القادمة و لكن هاهي أيامي قد بدأت تبتسم و تمدّ يدها… الدنيا التي أدمنت مناداتها ستحضنني قريباً بعد محاولات عدة، سأتمّ الدراسات العليا لنيل درجة الماجستير بإذن الله.
كدت أؤجل فكرة الكتابة لأجلِ الفرح حتى أستلم إشعار القبول، لكنني أعلم أني مذ أضع قدمي في الرياض الشهر القادم سوف لن أكون في منتهى الفراغ كما أنا الآن فآثرت عدم التأجيل لتوثيق هذا المنعطف؛ بعدما ظللت السنة الماضية أنقش أمنياتي و أعمل لها ثمّ يجرفها البحرُ لأنقش من جديد، هاهي الآن أمامي تبتسم و ها أنا عائدة للرياض مرةً أخرى، أدعو ربي أن تكون كريمة معي هذه المرة.

الحمد لكَ ربّ كثيراً على نعمك، حقق أمنياتِ من يُريد، أعنّي على القادم من الأيام و اجعلني دائماً مفيدة.

* The pic’s by ~Borboletra

Black Swan

كيف يجعلُ الإنسان من الشيءِ شغفاً يعيش لأجله!
_

من الأفلام التي تُرى مرة واحدة عن الفضول فقط
برأيي أنه عاديّ جداً لم يُدهشني.

و الحبُ يجعلنا نحلّق .

الحبّ الذي يأتي من الأطفال مميز، عفوي و صادق جداً…
إحدى طالباتي اليوم ظلت تكرر “أحبك” بأكثر من طريقة تدلّك القلب لتنعشه، رغم أنني هذا الشهر فقط بدأت أحفظ أسماءهنّ! أدري أنه خطئي و لكن ساعتين في اليوم ليست كافية لحفظ الكل و معرفته _ أعاني من معضلة نسيان الأسماء و الخلط في تركيبها على الوجوه، فأخترع تسمياتٍ من عندي أحياناً حتى أتمكّن من استرجاعها و تذكّر أحد_ اليوم لاحظت أنني أعرف كيف تفكر هذه و ماذا تريد تلك و أيّهن التي تتهرب من الدرس، بدأت أفهم كل واحدة منهنّ و أستوعبها بعدما تغيّرت المجموعة التي كنت أعطي العام الماضي إلى هذه المجموعة الأصغر سناً و الأكثر عدداً هذه السنة، أذكر يومها طفرت عينيّ و طالباتي الأكبر يودعنني للالتحاق بمعلمة أخرى بعدما جاءتني مجموعة الطفلات اللاتي لا يعرفنَ من الآيات إلاّ الحمد ربما و يتعتعنَ بالفلق. الجميل بالموضوع أنهنّ سيتممنَ نصف جزء عمّ هذا الشهر ليكملنَ حفظ الجزء كله نهاية السنة بإذن الله. الجميل في الموضوع أنّ بعض البتلات بدأت تتفتح رويداً رويداً لتثمر و أنا سعيدة، سعيدة جداً لأنني أترك أثراً على الصغيرات، سعيدة جداً لأنهنّ يحببنني و يسألنَ عنّي و يرسلنَ التحايا مع الزميلات، سعيدةٌ أكثر لأنّ “هاجر” اليوم قالت أنّ زميلاتها في المدرسة التي تركتُ ينتظرنني لأعود مربية الفصل. أحبّ الأطفال، هم الأسهل في التعامل، و الأصدق في التعبير، و الأكثر براءة في إبداءِ ما يفكرونَ فيه، تجري الأمور معهم بسهولة أكبر، و يخافون لمجرّد أن أقول: ستغضب المعلمة.

أتساءل اليوم لو كنتُ معلمة لمرحلة أكبر و قلت لطالبتي التي لم تحفظ أو لم تحلّ أو تتكلم وقت الدرس: سأزعل منكِ، هل ستتجاوب مثلها؟ … لكم حرية التفكير بردّة الفعل.

Anxiety | في انتظار الغد

هذه الأيام:

أستيقظ الساعة السابعة، أتفقد بريدي، ثمّ أغفو متمنية أن لا أفيق إلاّ غداً
يأتي الليل و لا أنام بانتظار غدٍ… و ما بينهما: محاولاتٌ يائسة لقتل القلق.